نظّمت تعاونية “لومينا” بخريبكة، بالتنسيق مع المجلس العلمي المحلي، ندوة علمية تحت عنوان “العنف ضد النساء بين التوعية الدينية والمسؤولية المجتمعية”، وذلك بقاعة الندوات بدار الشباب الزلاقة، تزامنًا مع العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وقد شاركت في تأطير الندوة الأستاذة زينب مصباح، رئيسة تعاونية “لومينا” وعضوة بالخلية الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، إلى جانب الأستاذة سعاد الشويتر، عضو المجلس العلمي المحلي بخريبكة.
افتتحت الأستاذة زينب مصباح اللقاء بالترحيب بالحضور، معربةً عن امتنانها للدعم الذي وفرته الجهات الرسمية، بما في ذلك الوكيل العام للملك باعتباره رئيس اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، وباشا مدينة خريبكة، ومدير دار الشباب الزلاقة، إضافةً إلى المجلس العلمي المحلي الذي يساهم في ترسيخ القيم الإسلامية السمحة. وأكدت في كلمتها على أهمية الحوار الفكري لتعزيز الوعي الديني والمجتمعي حول هذه الظاهرة الخطيرة.
من جهتها، سلطت الأستاذة سعاد الشويتر الضوء على دور الإسلام في تكريم المرأة، مستدلةً بآيات قرآنية تؤكد حقوقها. كما شدّدت على أهمية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع، مشيرةً إلى أن الزواج هو ميثاق غليظ يجب أن يبنى على المودة والرحمة، بعيدًا عن أي ممارسات عنيفة أو تعسفية. وأكدت أن الإسلام جعل من المرأة عنصرًا أساسيًا في بناء الأجيال، داعيةً إلى تعزيز التربية الأسرية القائمة على القيم الإسلامية الأصيلة.
أما مداخلة الأستاذة زينب مصباح، فقد ركّزت على الأبعاد المختلفة للعنف ضد المرأة، مشيرةً إلى الإحصائيات المسجلة سنة 2024 بإقليم خريبكة، والتي كشفت عن تسجيل 2611 حالة عنف، وهو رقم مقلق رغم الجهود المبذولة. وناقشت المراحل الثلاثة للعنف ضد النساء: مرحلة وقوع العنف، مرحلة التقاضي، ومرحلة ما بعد الشق القضائي، موضحةً تداعيات العنف على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
أكدت الأستاذة مصباح على ضرورة تعزيز المسؤولية المجتمعية لمحاربة العنف ضد النساء، مشيدةً بالدور الذي تقوم به المؤسسات الحكومية من خلال سن القوانين الصارمة، والمجتمع المدني عبر برامجه الداعمة، ووسائل الإعلام التي تساهم في توعية الرأي العام. كما أشادت بالمبادرات الحكومية مثل برنامج “جسر الأسرة” للوساطة الأسرية وتأهيل الأزواج، معتبرةً ذلك خطوةً هامة في تعزيز الاستقرار الأسري.
وفي الختام، استعرضت الأستاذة مصباح مشروع “سند”، الذي أطلقته تعاونية “لومينا” تحت إشراف النيابة العامة، لدعم النساء ضحايا العنف بعد انتهاء الشق القضائي. ويهدف المشروع إلى تمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال برامج التأهيل والتدريب المهني، ومساعدتهن على تحقيق الاستقلالية الاقتصادية، حيث تمت متابعة 20 مستفيدة من أصل 100، مع ضمان تدريب مهني لهن، وإدماج 5 منهن في سوق العمل.
عكست هذه الندوة التزام مختلف الفاعلين في المجتمع بمكافحة العنف ضد النساء، من خلال تكثيف الجهود القانونية والدينية والاجتماعية، وتعزيز دور المرأة في بناء مجتمع أكثر عدالةً وإنصافًا.